سنواته الأولى

ولد ديريك برنس في بانجالور بالهند في عام 1915، وسط عالم وأسلوب حياة لم يعد موجوداً حالياً، حيث حكم الملوك والملكات والأباطرة مناطق شاسعة، وتفوقت الإمبراطورية البريطانية على كل الإمبراطوريات الأخرى، وحكم الجيش البريطاني والخدمة المدنية كل المستعمرات. كانت الهند الماسة اللامعة في التاج الإمبراطوري.

قال ديريك: "وُلدت في أسرة من "مؤسسي الإمبراطورية". والدي "بول إيرنست برنس" كان ضابطاً في جيش الملكة وكانت الملكة فكتوريا توقع بنفسها على المهام التي يجب أن يقوم بها، ولدت أمي "جوندولين" أيضاً في الهند وهي ابنة الجنرال روبرت أدوارد فاجان، وقد أصبح أخوها حامل الرمح في إقليم البنجاب وثم أصبح فيما بعد قائد لواء.

كما كانت العادة في ذلك المجتمع تُرك ديريك لرعاية جليسة أطفال هندية، وقد صاحبه والديه ومربيته في رحلاتهم في الهند حين كان صغيراً لدرجة أنه كان يُحمل في سلة الغذاء. استخدمت أسرته القطار والحصان و(الكارتة) في سفرها وأحياناً كانت تسافر (بالجرنكشة)، وعلى الرغم من أن السيارات والطائرات كانت أكثر انتشاراً في الغرب، إلا أن هذه كانت وسائل الانتقال الطبيعية في الهند، فيستخدم الجنود الحصان بينما يسير معظم الناس.

كانت مسيرة الحياة بطيئة، وكان الناس يكتبون الخطابات ويرسلونها إلى إنجلترا، وينتظرون أحياناً بالأسابيع للحصول على الرد، وفي حالات الطوارئ يمكن استخدام التلغراف، ولكن بدا لديرك أن بيته بعيد للغاية. عندما وصل ديريك إلى سن الخامسة ودع أبيه ومربيته وأصدقائه الهنود وركب سفينة لتقله إلى وطنه، حيث ألقى مع المسافرين الآخرين بالقبعة وظل يراقبها من فوق السفينة حتى غاصت في المياه علامة على توديعه للهند، وأخذته أمه إلى منزل والديها في ساسكس، ثم رحلت هي أيضاً لتتركه حتى الاجازة التالية.

شكلت تلك السنوات الأولى شخصية ديريك ومسيرة حياته، فعلى الرغم من أنه الابن الوحيد والحفيد الوحيد، أن المتوقع منه أن يتصرف كتصرفات الجندي المثالي، وكان جديه عطوفين عليه، وفي نفس الوقت يدربانه لكي يتفوق في كل ما يفعله، ويستعد لكي يستمر في حمل لواء التقاليد العسكرية للعائلة.

تعلم وهو طفل صغير كيف يسلي نفسه، فيقول: "كان لي أصدقاء، ولكني كنت استمتع بصحبتي أكثر"، وعندما اكتشف عالم الكتب بدأ بحثه ليكتشف عما تدور الحياة.

في سن التاسعة أُرسل ديريك إلى مدرسة داخلية تاركاً جديه اللذين أحبهما بشدة، ومنذ ذلك الوقت كان كل معلموه ومرافقيه من الذكور. ووفقاً لنظام المدرسة في ذلك الوقت كانت هناك منافسة ضارية في مجالي الواجبات المدرسية والرياضة ، ولكنه عادة كان الأول على فصله، وقد مكنه تدربه على الاجتهاد والجد من الحفاظ على تلك المكانة.

عندما كان في الثالثة عشر من عمره وضع ناظر المدرسة أسمه في امتحان للمنافسة على مكان في كلية إيتون، وكان واحداً من بين أربعة عشر صبياً فى مثل عمره يتم قيدهم في منح الملك في انتخابات عام 1929. درس اللاتينية في سن التاسعة واليونانية في سن العاشرة وكان يكتب ويترجم لكلا اللغتين عندما وصل لسن الثانية عشر. وبينما هو يدرس في الكلاسيكيات، أصبح أكثر تعمقاً في عالم الأفكار وانجذب نحو الفلسفة، ودار في ذهنه السؤال التالي: ما هو المعنى والهدف الحقيقي من الحياة؟

شجعه والده الذي تقاعد ككولونيل واستقر في بلدته سومارست في سعيه للحصول على إجابة. وفي عام 1934 أعطاه والده مصروفاً قيمته (20) جنيهاً في الشهر، وسافر ديريك مع أحد أصدقائه ليرى القارة وتمكن ديرك بسبب اتقانه للغات من الحصول على حجرات وطعام بأرخص الأسعار في وقت كان قليلون ممن في سنه يسافرون. وقد أن التعرف على السكان المحليين والعادات شئ ممتع أكثر من المتاحف والأطلال، حتى في روما وأثينا حيث كتبت الكثير من الكلاسيكيات.

وعند عودته إلى انجلترا دخل ديريك كلية كينج بكمبريدج كباحث متقدم، وهناك تميز أكاديمياً، وفي الفترة من 1938 وحتى 1940 كان باحث في جامعة كمبرديج وتخصص في فلسفة أفلاطون ، وفي عام 1940 حين كان في سن الرابعة والعشرين، اُختير كأستاذ في كلية كينج بكمبريدج.

أثرت الحرب العالمية الثانية على عمل ديريك الأكاديمي، وبناء على قناعاته الفلسفية اختار الانضمام للجيش دون أن يكون مقاتلاً وبدأ في القوات الطبية للجيش الملكي.

فى هذه المرحلة قرر البحث في مجال آخر من مجالات الفلسفة لا يعرف عنه سوى القليل، فاشترى كتاباً مقدساً جديداً (بجلدة سوداء) ليقرأه في الجيش، فقد كان إنجيلياً ويذهب إلى خدمات الكنيسة أثناء السنوات الخمس التي قضاها في إيتون، ولكن في سن الثامنة عشر قال "الدين لا يفعل لي الكثير" وكان يذهب إلى الكنيسة في كلية كينج فقط عندما يكون عليه أن يقرأ الدرس، وأثناء التسع شهور التي قضاها في الجيش بدأ دراسة الكتاب المقدس ووجده مربكاً إذ أنه كان مختلفاً عن أي كتاب آخر قرأه وقال: "لا يمكنني أن أصنفه، هل هو كتاب تاريخي، أم كتاب فلسفي، أم أدب، أو لاهوت، أم شعر، أو أنه موحى به من الله؟ وفي معسكر الجنود في يوركشير في يوليو 1941 تقابل مع كاتب الكتاب المقدس، ويسترجع هذا الاختبار الخارق للطبيعة فيقول:

"وصلت إلى نتيجتين منذ تلك المقابلة ولم أجد سبباً لأغير ما آمنت به، الأول: يسوع المسيح حي، والثاني: أن الكتاب المقدس كتاب الحق وأنه كتاب يغطي أمور الحياة الحديثة، وقد غيرت هاتان الحقيقتان حياتي بشكل جذري، وفي الحال أصبح الكتاب المقدس واضحاً وملموساً بالنسبة لي، وأصبحت الصلاة والتواصل مع الله شئ طبيعي مثله مثل التنفس، وتغيرت رغباتي ودوافعي وأهدافي في الحياة بين عشية وضحاها.لقد وجدت ما كنت أبحث عنه معنى وهدف الحياة فى لقد وجدت ما كنت أبحث عنه! معنى وهدف للحياة في شخص!

عضو
فريق الخدمة

أهلاً وسهلاً.. زيارتك تهمنا، ونحن هنا فى خدمتك.. يمكنك التحدث الينا مباشرة الآن..

يمكنك التحدث الينا