مصدر الخير
"كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ"
كثِيرُونَ يَقُولُونَ: [مَن يُرِينَا خَيْراً؟] ارْفَعْ عَلَيْنَا نُورَ وَجْهِكَ يَا رَبُّ. جَعَلْتَ سُرُوراً فِي قَلْبِي أَعْظَمَ مِنْ سُرُورِهِمْ إِذْ كَثُرَتْ حِنْطَتُهُمْ وَخَمْرُهُمْ. (مزمور 4: 6 -7).
يا لها من صورة واضحة جداً ومعبرة عن وقتنا الحاضر! ففي الواقع إن كثيرين يتساءلون اليوم "من يرينا خيراً"! وذلك بسبب أن هناك شعور بخيبة الأمل يخيم على الأجواء -ينتج عنه شعور عام بالتشاؤم بين الناس. وينطبق هذا بوجه خاص على الحياة السياسية. فخلال السنوات لماضية كان هناك فقدان للثقة تجاه القيادة السياسية، وذلك في أعقاب سلسلة رهيبة من الازمات التي لم يتم معالجتها معالجةً صحيحةً.
ومع ذلك، فهناك إجابة وافية عن هذا السؤال: "من يرينا خيراً؟". وهي إجابة لا تزال صالحة إلى يومنا هذا. أجاب داود على هذا السؤال، عندما استكمل حديثه قائلاً "أشرق علينا بنور وجهك يا رب". فالخير الحقيقي له مصدر واحد فقط. الخير يأتي فقط من عند الرب. عندما يشرق الرب بنور وجهه عليك. وذلك لأن النور يبدد الظلام. ظلام الشك، والخوف، والتشاؤم.
ويتابع قائلاً: "جَعَلْتَ سُرُوراً فِي قَلْبِي أَعْظَمَ مِنْ سُرُورِهِمْ إِذْ كَثُرَتْ حِنْطَتُهُمْ وَخَمْرُهُمْ. "
فعندما يشرق الرب بنور وجهه علينا. فهو يملأ قلوبنا أيضاً فرح وسرور. أعظم من سرور، أولئك الذين امتلأت بيوتهم، واجرانهم، بالحنطة، والخمر الجديدة. والمقصود في هذه المقارنة، أن أولئك الذين تقتصر نظرتهم على الواقع المادي، كمصدر لخيرهم، ونجاحهم، وآمانهم. فلن يتعدى نجاحهم، وآمانهم نطاق تلك المصادر المحدودة.
أما المؤمنون الذين تعلموا، أن ينظروا بإيمان، وثقة، إلى الرب، فهناك مصدر آخر للخير لا ينضب ولا يتغير أبداً. مصدر يقدم اشباعاً هائلاً، يفوق أي اشباع آخر، يمكننا أن نحصل عليه. يقول الرسول يعقوب تأكيداً على هذا: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ". (يعقوب 1: 17)
صلاة
يا رب، أشرق علي بنور وجهك، حتى أستطيع أن أدرك، وأتمتع، بفيض عطاياك .أمين
